في مدينة أوروبية كنت أقف منتظرا دوري أمام شباك التذاكر لأشتري بطاقة سفر بالحافلة
وأنا أنظر إلى تضاريس وجهها. لا زالت عيناها تلمعان كبريق عيني شابة في مقتبل العمر وأنفها الدقيق مع عينيها يخبرون عن ذكاء ثعلبي مظهرها يدل على أنها سيدة متعلمة لكنني لن أسألها عن شيء أنا على يقين أنها ستحدثني عن نفسها فرحلتنا لا زالت في بدايتها أغلقت أصابعها على هذه القطعة النقدية التي فرحت بها كما يفرح الأطفال عندما نعطيهم بعض النقود. وقالت أنا الآن متقاعدة كنت أعمل مدرسة لمادة الفلسفة جئت من مدينتي لأرافق إحدى صديقاتي إلى المطار. أنفقت كل ما كان معي وتركت ما يكفي لأعود إلى بيتي إلا أن سائق التاكسي أحرجني وأخذ مني يورو واحدا زيادة فقلت في نفسي سأنتظر الحافلة خارج المحطة ولم أكن أدري أن ذلك ممنوع. أحببت أن أشكرك بطريقة أخرى بعدما رأيت شهامتك حيث دفعت عني دون أن أطلب منك. الموضوع ليس ماديا.
قاطعت المرأة مبتسما أتوقع بأنك ستحكي لي قصة حياتك لكن أين البضاعة التي اشتريتها منك أين الحكمة قالت فقط دقيقة. قلت لها سأنتظر دقيقة. قالت لي لا لا لا تنتظر. فقط دقيقة .. هذه هي الحكمة ! قلت لم افهم شيئا ! قالت لعلك تعتقد أنك تعرضت لعملية احتيال قلت ربما! قالت سأشرح لك الحكمة هي فقط دقيقة لا تنس هذه الكلمة أبدا في كل أمر تريد أن تتخذ فيه قرارا عندما تفكر في أي مسأله في الحياة وعندما تصل إلى لحظة اتخاذ القرار أعط نفسك فقط دقيقه دقيقة واحده إضافية ستون ثانية لاغير. هل تعلم كم من المعلومات يستطيع دماغك أن يعالج خلال ستون ثانية في هذه الدقيقة التي ستمنحها لنفسك قبل اتخاذ قرارك قد تتغير أمور كثيرة ولكن بشرط واحد. قلت وما هو الشرط قالت أن تتجرد عن نوازع نفسك وتودع في داخل دماغك وفي صميم قلبك جميع القيم الإنسانية والمثل الأخلاقية دفعة واحدة وتعالجها معالجة موضوعية دون تحيز.