البدوى والتاجر
انت في الصفحة 2 من صفحتين
توقفنا في أطراف عنيزة لتبريد سياراتنا، ونزلت أتريض في بعض بساتينها، لقد تغيّرت عنيزة، ولك أن تتخيل ماذا فعلت الطفرة بالمدن السعودية.
فيما أنا في تلك المزرعة إذ بصاحبها يقترب مني ويسلم علي، فسلمت عليه، وأخبرته أننا مجموعة من السائقين نبرّد سياراتنا، وأني دخلت أتريض هنا.
اعتذرت قليلًا فألحّ كثيرًا.
فقال الشيخ صاحب المزرعة: هل تذكر شكل التاجر؟
فقال: هل تذكر أمارةً فارقة تذكرك به؟
فقلت: بجوار دكانه نخلة.
فقال الشيخ: وصلت، وأتى الله بك فقد كنت أنتظرك، وكتبت أمرك في وصيتي، وذاك أني بعتُ محــزم الړصــاص بـ 50 ريالًا، وهذا هو ثمنه الحقيقي، فأدخلت العشرة ريالات لك في تجارتي، وقد نما لك منها شيء.
ثم سحبني من يدي ، وأخذني إلى فضاء واسع في المزرعة مليء بالأغنام وقال: هذه الأغنام كلها لك يا بني من عشرة ريالات قبل 20 سنة.
اعترتني رعـشة من أمانته..
فقلت: لا آخذ شيئًا.
فقال: والله لا أتركك.
فقال : كما تريد، فقد أزاح مجيئك عني همًّا طويلًا.
العجب كل العجب من الاثنين رغم طول الأمد.
العجب من التاجر لأمانته، ومن صاحب المحزم لسخائه.